منقول للفائدة
من
جريدة البيان

الزخارف الاسلامية اعتمدت على العناصر الخطية والنباتية والهندسية

إن للشرق فلسفته الخاصة التي تنظر إلى الإنسان على انه جزء من هذا الكون الواسع، وهي تختلف تماما عن النظرة الغربية التي تنظر إليه على إنه محور هذا الوجود فكان الفنان الشرقي ينظر غالبا إلى الإنسان والحيوان والنبات كعناصر فنية يحورها ويتسقها بحيث تعبر عن أفكار وأحاسيسه وتحقق الغرض الفني الذي يقصده دون النظر إلى أشكالها الطبيعية، والأمثلة التي تؤكد هذا كثيرة في فنون العراق وسوريا ومصر مما يستطيع أن يميزه بسهولة ويسر.


الفن الإسلامي

كانت أول مظاهر الشخصية الإسلامية كما يقول موقع «الفن التشكيلي» تأكيد الفلسفة الشرقية من أن الإنسان جزء من هذا الكون الواسع وأن القدرة الإلهية المسيطرة على هذا الوجد .وتبلورت شخصية الفن الإسلامي وإرادته الجديدة في ظواهر هامة تمت بطريقة تلقائية داخل إطار الفلسفة الشرقية العامة.

1- كراهية تمثيل الكائنات الحية:

ويرجع ذلك إلى الرغبة في البعد عن المظاهر الوثنية فقد جاء الإسلام ليقضي على الوثنية ممثلة في عبادة الأشخاص والأصنام على إن هذه الكراهية أخذت تتلاشى بالتدريج مع زيادة الوعي بحقائق العقيدة الإسلامية وظهرت الرسوم الجدارية على كثير من الأعمال الفنية كالتحف المختلفة وفي الرسوم الجدارية على انه مما يلفت النظر زخارف المصاحف والمساجد إنها ظلت خالية من العناصر الآدمية والحيوانية .

2- التقشف:

دعت العقيدة الإسلامية إلى البعد عن مظاهر الترف فاتجهت جهود المسلمين إلى البناء والعمل والبعد عن الفخامة باعتبار كل ذلك عرضا زائلا فاستعمل الفنانون العرب خامات رخيصة كالجص والخشب والصلصال في أعمالهم الفنية ولكنهم استطاعوا إغناءها بما اضفوه عليها من زخارف دقيقة رائعة ومن ابتكارات صناعية أعطت الخامة الرخيصة مظهرا فخما جديدا مما يمكن أن يعبر عنه بالخامة المبدلة، أي تحويل الخامات الرخيصة إلى عمل فني عظيم القيمة.

وكان في استطاعة بعض الخلفاء أن يعملوا الذهب والفضة والأحجار الكريمة في تزيين أهم مكان بالمسجد والقبلة ولكنهم استعاضوا عن ذلك بالتصميمات الزخرفية والنقوش التي جعلت من المحراب قبلة رائعة تنسجم مع ما للإسلام من روعة وبساطة .


3- الاهتمام بزخرفة السطوح وشغل الفراغ:

اهتم الفنان العربي اهتماما كبيرا بزخرفة سطوح الأشياء سواء كان ذلك في العمائر أم الأواني أم التماثيل بحيث كان لا يترك فراغا من غير زخرفة .

فكان عندما يبتكر إناء أو تحفة حتى ولو كانت على شكل حيوان أو طائر يغطي سطحها بالزخارف التي كانت تسلبها مظهرها الطبيعي سلبا معنويا، بينما كانت تكسبها سحرا ورشاقة لا نظير لها .


العناصر الزخرفية الإسلامية

اعتمد الفنان العربي في تجميل منتجاته الفنية وزخرفتها على العناصر الخطية والنباتية والهندسية والأشكال الآدمية والحيوانية عن طريق حساسيته الفطرية ..وحقق في هذه الأعمال الرشاقة والاتزان.

1 - الزخرفة الخطية:

ادخل الفنان العربي الحروف العربية كعنصر رئيسي من عناصر الزخرفة ولا شك أن استعمال الكتابة في أول الأمر على المنتجات الفنية كان وسيلة من وسائل الحمد والشكر لله، على إن الفنان استغل هذا العنصر استغلالا جماليا رائعا ويلاحظ أن استعمال الآيات القرآنية لتزيين المساجد يقابله استعمال الصور المستمدة من آيات الإنجيل وحياة السيد المسيح في تزيين الكنائس.

واصبح من مسئولية الفنان العربي العناية بالخط وتطويعه للاستعمال الجمالي فظهرت ألوان مختلفة من الخطوط منها الخط الكوفي وهو خط يمتاز بزواياه القائمة وخطوطه المستقيمة ثم أضيف إلى نهايته زخارف نباتية وأصبح يسمى الخط النسخى.

2 - الزخارف النباتية:

يعتبر ميدان الزخارف النباتية من الميادين المهمة التي جال فيها الفنان العربي حيث ابتكر أشكالا نباتية مختلفة خرج بها على الأشكال الطبيعية كعادته المألوفة في التجريد والبعد عن الطبيعة .وهاك نوع من الزخارف النباتية يطلق عليها «الأرابيسك» تكون من خطوط منحنية مستديرة أو مختلفة يتصل بعضها ببعض فتكون أشكالا حدودها منحنية.


وقد يتكون بينها فروع وزهور، وبالرغم من بعد هذه الزخارف عن الطبيعة فإننا لا ستطيع أن نعتبرها زخارف هندسية وقد شاع استعمال هذه الضرب من الزخارف أبتداء من القرن التاسع الميلادي في العمائر والتحف وقد وصلت إلى غايتها في القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلادي.



3- الزخارف الهندسية:

تعتبر الزخارف الهندسية عنصرا أساسيا من عناصر الزخرفة الإسلامية ومنذ العصر الأموي اتجه الفنان العربي إلى الزخارف الهندسية واستعملها استعمالا ابتكاريا لم يظهر في حضارة من الحضارات وثم شاع استعمال الزخارف الهندسية في العمائر والمخطوطات والتحف المختلفة سواء من الجص أو الخزف ام النسيج أم المعادن أم الرخام إلى آخره وكان الأساس الذي أتى عليه الفنان العربي وزخارفه الهندسية هو الأشكال البسيطة كالمستقيمات والمربعات والمثلثات والدوائر المتماسة والمقاطعة والأشكال السداسية والثمانية والأشكال المتفرعة من كل ذلك.

4 - الأشكال الآدمية والحيوانية:

قلنا إن الفنان العربي لم يهتم بالتعبير عن الأشكال الآدمية والحيوانية تعبيرا مقصودا به ذات الإنسان والحيوان ولكنه استخدم هذه العناصر كوحدات زخرفية بحتة لها قيمتها الفنية وهو لم يكلف بذلك بل يحول له إن يركب منها أشكالا خرافية كالأفراس والطيور ذات الوجه الآدمي.

ومما هو جدير بالذكر إن الفنان العربي استخدم في زخارفه مزيجا رائعا من الزخارف الخطية والزخارف المختلفة والزخارف الهندسية والزخارف النباتية ونجح نجاحا فائقا في تجميع هذه العناصر المختلفة في أعماله الفنية بحيث حقق قيمة فائقة الحد من الجمال كما حقق تنوعا في القيم الخطية وما تحدثه هذه الزخارف من ظلال مما ينبغي للطالب التعرف عليه بالممارسة والرؤية الموازنة بفنون الحضارات الأخرى .

التصوير

يختلف التصوير الإسلامي عن التصوير المعاصر الذي يتميز بخصائص واضحة من حيث الخامات واستعمالها وطريقة الأداء والموضوعات ... ويتحقق في فن التصوير الإسلامي مثالية الفن الإسلامي كاملة.

ولفن التصوير الإسلامي مجالات كثيرة منها:

1- التصوير الجداري:

وفي جميع الصور الجدارية الإسلامية نجد أن الفنان لم يراع دقة تمثيل المظهر الطبيعية وهي لهذه الأسباب تعتبر صورا زخرفية أكثر منها توضيحية بموازنة هذه الصور بالصور الحائطية « الفرسك» التي نفذت في أوروبا في عصر النهضة.

2- صور الفسيفساء:

عثر في المسجد الأموي بدمشق على مجموعة من صور الفسيفساء تمثل المناظر الطبيعية لمدينة دمشق فالأشجار والمباني ونهر بردى منفذة بأسلوب زخرفي بسيط وألوانه ساطعة وقد لوحظ أن هذه خالية من الأشكال الآدمية والحيوانية بينما نجح الفنان في توزيع كتل المباني بأحجامها المختلفة بحيث وصل إلى تحقيق التوازن الفني في الصور.